انا أخيرا بعد طول انتظار .. هروح أشوف بابا ..
محدش يتخيل كنت مبسوط أد ايه هو وحشنى جدا .. بقالى فترة طويلة ما شفتهوش ..
المهم .. الزيارة الساعة 9 فقررت أصحى من الساعة خمسة وأجهز حاجتى اللى هاخدها والجاجات اللى هوديهاله ..
صحيت خمسة .. لبست ، حطيت الحجة فى الشنطة ، ركبت العربية .. وبدأ السفر ..
الطريق بالنسبة لييا طويل فهو طريق سفر حوالى ساعتين تقريبا ...
المهم وصلت لحد السجن على الساعة 9 تقريبا .. قلت ان شاء الله ما كنش اتأخرت على بابا ...
فى البوابة الأولى حارس يرتدى ملابس سوداء تشبه الليل الأسود مظلمة كئيبية .. ومكتوب على الباب بخط عريض (ممنوع دخول الموبايلات أو الكاميرات ) سبت الموبايل وال mp4 فى الأمانات ودخلت ..
عديت على مكان تفتيش وطبعا أول ماعديت من المكان رن الجهاز بالصوت المستفز بتاعه .. قالم الراجل العسكرى قاللى أى معدن معاك
طلعت المفاتيح وكانت السماعة منسية معايا .. فقاللى روح ارجع طللعها برة ..
قلت لأ .. مش هروح تانى . . ده مش هتقلب نظام الحكم .. دخلنى على مضض بعد أن فتشنى يدويا وكاننى ارهابى لى سوابق فى االتفجير ..
دخلت لقيت الحتة زحمة مووت .. كان معظمهم محكومين : مخدرات و تزوير وخلافه ..
الطفطف جه ركبت وكان زحمة جدا حتى اننى فضلت واقف ..
وصلت أمام بوابة السجن على الساعة 9 ونص .. أخذت فى الانتظار حتى الساعة ال11 ونص !!!
حتى نادى الرجل بصوت أجش محمد خالد حمزة .. اتفضل ..
دخلت لقيت راجل تانى واقف وقاللى تفتيش لو سمحت ... أعد يفتشنى وقاللى معاك موبايل ؟
قلت : كان زمان الأخ اللى قبلك خده
قال : طب شريحة ؟؟
قلت : أه معايا شريحة هقلب بيها نظام الحكم ..
نظر وكأننى عدوه اللدود وقال بنفاذ صبر ..
اتفضل ..
دخلت لقيت بابا واقف بهدومه البيضا وكأنه ملاك .. وبيبتسم وأشار لى للمجئ ..
وكأننى رأيته للمرة الأولى من حياتى .. جريت اليه كطفل فى الخامسة وحضنته طال عناقنا ... قبلنى على رأسي .. وربت على كتفى
وبدأ بحثنا عن مكان نجلس فيه للزيارة .. ولكن لا توجد الا حوالى 6 كراسي لكل كرسسين منضدة وكانوا ملأى على الآخر ..
فاضررت أنا وأبى أن نجلس فى مكان غير آدمى بالمرة مساحته بدون مبالغة مترين فى مترين
وأخذنا نتجاذب اطراف الحديث . .
عدت طفلا فى هذا اليوم .. استطعت وبصعوبة منع دموعى من الانهمار ..
حدثته عن أحوالنا وعن مذاكرتى وصحتى .. واطمأننت الى صحته ..
ووضعت كتفى فى صدره .. فأخذت تداعب أصابيعه خصلات شعرى .. وأنا كالطفل أتمنى أن قول له يلا يا بابا نخرج .. عايز أمشي تعالى معايا
حتى خرجت من فمى كلمة أحبك .. رد على بكلمة كان يرددها على عندما كنت صغيرا : بتحبنى أد ايه ؟
رديت : أد نووووور عنيا ..
كان نفسي بابا يحكى لى عن قصة الكوخ والأرنب ، لطالما سمعتها حين كنت صغيرا ، ولكن صوت أجش صرخ انتهت الزيارة ..
لتنقطع كل أحلامى ، وأنظر الى أبى وتخبره عينى برغبتى فى المكوث معه فترة أطول .. فترد عيناه بدون كلام .. وماذا أقدر على فعله ؟؟
أعانق أبى .. وأخرج من السجن بعد أن رمقته طويلا .. وعرفت ملامح ذلك الذئب المسعور .. وكرهته .. من كل قلبى
رمقته وكأننى أقول سوف أنتقم منك يا سجن يا ساجن الحب والحنان والحرية ..
أكرهك .. أكرهك .. أكرهك ..
بعد يوم جد مرهق عدت الى البيت وأنا أفكر طوال طريق السفر ، لماذا ؟ أخبرونى ان ملكتم الجواب .. فقط أخبرونى .. لماذا ؟؟؟؟؟